الخدمات المصرفية
يتمّ تحديد قطاع المصارف التجاريّة في ليبيا بوضوح من خلال هيمنة المصارف المملوكة للدولة، والتي تعكس المركزيّة الاقتصاديّة التقليديّة للبلاد التي تقودها الهيدروكربونات (World Bank, 2020)، والتي لا تزال قائمةً حتى اليوم. أدّى تحرير القطاع الذي بدأه القذّافي في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى إنشاء عدد كبير من المصارف التجاريّة التي يقودها القطاع الخاص ودخول هذه المصارف الساحة، وقد سُمح لهذه المصارف بتقديم منتجات وخدمات ماليّة واسعة النطاق للأعمال والأفراد في ليبيا. وعلى الرغم من عدد المصارف الخاّصة العاملة في البلاد، فإن أكبر مصرفين مملوكين للدولة في ليبيا هما مصرف الجمهوريّة والمصرف التجاري الوطني، اللذان شكّلا في عام 2017 72٪ من الأصول المرجّحة للمخاطر في ليبيا (World Bank, 2020)، وهي هيمنة يربطها البنك الدولي بالمصارف التي تدعم الشركات الحكوميّة الليبيّة عن طريق تقديم القروض. وفي هذا الصدد، من المهمّ الإشارة إلى أنّ المصارف التجاريّة الخاصة الليبية احتفظت بحوالي 10٪ من ودائع البلاد في عام 2017.
حدّد المشاركون في الاستشارات مع أصحاب المصلحة التي أجرتها منظّمة التعاون والتنمية الاقتصاديّة في الفترة الممتّدة من عام 2013 إلى عام 2016، قطاع الخدمات الماليّة الليبي باعتباره أحد المجالات التي تتمتّع بأعلى إمكانات لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وأعلى توافق مع خطط التنمية الاستراتيجيّة للبلاد (OECD, 2016). كما تمّ تحديد الحصول على التمويل باستمرار على أنّه من بين أكبر التحدّيات التي يواجهها القطاع الخاص . كذلك، أقرّ البنك الدولي في تقييمه للقطاع الخاص، بالإمكانات الاقتصاديّة التي يتمتّع بها قطاع الخدمات الماليّة المُحَسَّن (Rahman, 2020). يمكن أن يعود تطوير النظام المصرفي بالفوائد على بقية الاقتصاد ، حيث أن الخدمات المصرفية هي عامل تمكين للأنشطة التجارية والتنمية الاقتصادية، لا سيما الشركات الصغيرة والمتوسطة.